ضاعف انشغال العمالة المدربة المتخصصة في مجالات بناء المشاريع العقارية الكبرى، خاصة تلك التي تحمل طابعا تجاريا، في السعودية، من ندرة وجودهم في المشاريع الأخرى المتوسطة والصغرى، خصوصا المنشأة لغرض سكني وليس بغرض إعادة بيعها. كما أسهم هذا الانشغال في فرض من تبقى منهم أسعارا تحلق خارج السرب، بحسب تأكيدات متعاملين عقاريين.
وساعد ذلك على انتشار العمالة المبتدئة غير المدربة، الأمر الذي دفع صغار المقاولين إلى الاستعانة بهم بسبب الفراغ، الذي أوجده انشغال المحترفين منهم. وتسببت تلك العمالة غير المؤهلة في ترهلات في البناء بعد الانتهاء منه، إضافة إلى انشقاقات وتصدعات في عظم البناء، حيث أشار العديد من المهتمين في القطاع العقاري إلى أن عدم وجود معايير معينة لاختيار العاملين في البناء، يسبب أزمة أخرى، خصوصا لمن يجهل أسس وقواعد الإنشاء، كما تتسبب العمالة في هدر كميات من مواد البناء، إضافة إلى الجهد والوقت والمال المفقودة جراء نقص العمالة الماهرة التي تناقصت من السوق بأعداد كبيرة.
وكشف عبد الرحمن الموسى، المستثمر في القطاع العقاري، أن تسرب العمالة الماهرة والمدربة تجاه المشاريع الكبرى واقع صعب تعيشه القطاعات الإنشائية الصغرى والمتوسطة، حيث سحبت الشركات الكبرى التي يتجاوز رأسمال مشاريعها في أقل الأحوال 50 مليون ريال (13 مليون دولار)، أعدادا كبيرة من العمالة المدربة، عن طريق تكتلات شكلها عدد من المقاولين الصغار، الذين رشحوا الكثير من العمالة للتفرغ والبناء في تلك المشاريع.
وعن تأثير تقلص العمالة الماهرة على القطاعات الإنشائية الأقل حجما، أشار الموسى إلى أن لذلك مضاعفات خطيرة، ما لم يتدارك الوضع بضخ أعداد مضاعفة من العمالة المتخصصة ذات الخبرة في السوق، والتي تستطيع تسلم المشروع أرضا فضاء وتسليمه مبنى جاهزا بشكل كامل، مبينا أن انشغال المتخصصين يفتح المجال أمام المبتدئين والجهلة لقيادة القطاع العقاري، في المنشآت المتوسطة والصغرى، خصوصا لمن يجهل أصول وأسس البناء السليم.
وتشهد السوق العقارية السعودية حركة عمرانية كبيرة، والتي تعتبر من أكثر الأسواق نشاطا على مستوى الشرق الأوسط، وتنشط في الوقت الحالي العديد من المشاريع العقارية الضخمة، التي ستسهم بشكل مباشر في تقليص أزمة الإسكان التي تعاني منها السعودية، وأقرت الدولة رزمة من القرارات العاجلة للمساهمة في احتواء الأزمة بأسرع وقت ممكن.
وحول الأمور المترتبة على تقلص عمالة البناء الماهرة في السوق العقارية السعودية لصالح المشاريع الكبرى، أكد ياسر المريشد، صاحب شركة «المريشد» للإنشاءات العقارية، أن أكثر ما يؤرقهم عند تسلم مشاريع البناء هو البحث عن عمالة مدربة، في ظل توالي العروض والمميزات على هذه النوعية من العمالة، التي بدأت تفرض أسعارا خارج حدود المألوف نتيجة ارتفاع الطلب، مقابل الأعداد المنخفضة المتخصصة التي تزخر بها السوق السعودية، وهو ما ينعكس بشكل مباشر على رفع أسعار تكاليف البناء إلى نحو 8 في المائة.
وتطرق المريشد إلى ضعف أعداد العمالة الوافدة العاملة في المشاريع الإنشائية، ملقيا باللوم على الجهات المسؤولة بالاشتراك مع شركات الاستقدام، متسائلا «هل يجب على العمالة أن تجرب على منازلنا عده مرات حتى تتقن العمل؟»، مبينا أن ترك المجال للعمالة المبتدئة يتسبب في هدر أكبر من المبلغ المدفوع للعامل الماهر، حيث سيتسبب في هدر مواد البناء التي تعتبر غالية الثمن، وذلك عن طريق الغلط ومن ثم الهدم، أو عن طريق عدم تقدير الكميات المناسبة عند البناء.
وزاد «يضاف إلى ذلك الجهد والوقت اللذان سيضيعان عند الاعتماد عليهم، ناهيك عن التصدعات والشقوق التي قد تحدث للمبنى، وأن هناك عدة حالات أشرفت عليها عمالة غير مدربة انتهى الأمر بها إلى حالات لا تحمد عقباها»، موضحا أنه يجب وضع قوانين أشد صرامة للعمالة العاملة في مشاريع البناء.
يشار إلى أن الاستثمار في العقار السعودي من أكثر الاستثمارات جاذبية، خصوصا بعد انتكاسة سوق الأسهم السعودية عام 2008، وهو الأمر الذي دفع الاستثمار العقاري إلى تزعم الاستثمارات الأكثر تداولا وجاذبية في السوق السعودية على نطاق واسع، وأن هناك حركه عقارية غير مسبوقة تعيشها المنطقة، وانعكست على جميع القطاعات المرتبطة بالإنشاءات العمرانية.
وفي الاتجاه نفسه، أوضح إبراهيم العبيد «صاحب مكتب متخصص في الاستشارات العقارية»، أن هناك سحبا كبيرا من قبل الشركات العقارية الكبرى في السعودية على العمالة المتخصصة، التي تفضل العمل مع تلك الشركات لأسباب مختلفة، أهمها عدم مماطلة الشركات في تسديد حقوقهم، إضافة إلى استمرار الشركات في العروض على تلك العمالة، ناهيك عن احتكاك تلك العمالة ببيئات عمل أرقى وأرفع مستوى، مما يلقي بظلاله على توسيع الخبرات الإنشائية لدى الفني العامل.
ويزيد العبيد بأن الشركات الكبرى توفر مميزات أخرى للعاملين معها، متى ما شعرت بقيمة الفني الذي بدأ في التقلص، في ظل المشاريع التي تزيد يوما بعد آخر، مضيفا أن البعض من هؤلاء العاملين يفضل العمل مع الشركات الكبرى ليس لتحقيق الأموال فقط بل للاطلاع على معلومات جديدة، أو استفسارات سابقة في مجال البناء، مما يجعلهم يفضلون العمل مع الشركات الكبرى التي تجذبهم بشتى الطرق، وتترك العمالة غير المدربة للمشاريع الصغرى التي بدأت تعاني من ضعف إمكانيات العمالة الموجودة لديها.
ويذكر أن السوق العقارية في السعودية لم تشهد منذ نشأتها أي انخفاض في الحركة العمرانية أو ركود، بل إنها في ازدياد ملاحظ، وذلك نتيجة النمو المطرد، ولكونها دولة شابة فهي تحتاج إلى المزيد من الاستثمارات العقارية بشكل مستمر، وذلك لتلبية الطلب المتزايد على المساكن، وهو الأمر الذي يجعل من ملف الإسكان أحد أهم الملفات التي تحرص الحكومة على حلها.http://www.d2p.com.sa/News/2012/03/10/20828.aspx
الصفحات
جديد المدونة
السبت، 10 مارس 2012
مأزق المشاريع العقارية الصغري أمام الاهتمام بالكبري علي حسابها
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق